كابو فيردي تستعرض تقريرها الدوري أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان
في إطار انعقاد دورته الـ55 بجنيف
بتقدم فارق في عدة مجالات حقوقية، تمكنت دولة كابو فيردي (الرأس الأخضر) من الاستحواذ على إشادات دولية، خلال الاستعراض الدوري الشامل لوضعية حقوق الإنسان أمام الأمم المتحدة.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، والمنعقدة خلال الفترة من 26 فبراير إلى 5 أبريل 2024، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
وكابو فيردي أو جمهورية الرأس الأخضر، هي دولة جزيرة في قارة إفريقيا، تتكون من أرخبيل مؤلف من 10 جزر بركانية تقع في وسط المحيط الأطلسي، إلى الغرب من سواحل شمال إفريقيا، وكانت في فترة من الفترات مركزا لتجارة العبيد عبر الأطلسي.
واختار المجلس الأممي المجموعة الثلاثية لتيسير الاستعراض المتعلق بدولة كابو فيردي، والتي ضمت غامبيا وفرنسا وكوستاريكا.
وأحيلت إلى كابو فيردي قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول، أبرزها بنما وسلوفينيا وليختنشتاين وبريطانيا وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية.
وترأست وقد كابو فيردي وزيرة العدل، جوانا غوميس روزا، للرد على تلك التساؤلات والملاحظات والتوصيات الدولية التي وجهت إليها خلال الاستعراض الدوري الشامل.
استعراض الإنجازات
وصف وفد كابو فيردي بلاده بـ"الديمقراطية"، مسلطا الضوء على إقرار دستور حديث، يحمي حقوق المواطنين وحرياتهم ويتقيد بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسـان، وشدد الوفد على التزام حكومة بلاده بالحكم الرشيد والشفافية والمساءلة والسلام والعدالة الاجتماعية.
وأشار الوفد إلى البرنامج الحكومي للهيئة التشريعية العاشرة، فأكد أن تعزيز حقوق الإنسان واحترامها وضمانها جزء لا يتجزأ من جميع قطاعات الحوكمة، إضافة إلى تصديق البلاد على صكوك دولية بين عامي 2018 و2023، أبرزها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل وغيرها.
كما أوضح الوفد أن حكومة بلاده دأبت على الامتثال لالتزامات الإبلاغ ومعالجة مسائل تتعلق بأمور منها حماية حقوق الطفل، والدفاع عن حقوق المرأة، والاتجار بالأشخاص، وتوصيات اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وأكد الوفد التزام البلاد بتعزيز حقوق الإنسان وتدعيمها من خلال جملة إجراءات منها نشـر المعلومات القانونية، وتقديم المعونة القضائية، والتقيد بالمعايير الدولية، وتنفيذ الخطة الوطنية لحقوق الإنسان.
ونفذت كابو فيردي تدابير مختلفة لإصلاح مراكز الاحتجاز والسجون، بما في ذلك رفع مستوى سـجن "سال" الإقليمي إلى سجن مركزي، والاضطلاع بأعمال إعادة تأهيل في جميع السجون، وفصـل السجناء على أساس معايير مختلفة، ونصبت في السجون معدات للتداول بالفيديو، وبدأ تطبيق جلسات استماع للسجناء على الإنترنت لتعزيز الكفاءة وخفض التكاليف.
ومنحت البلاد الأولوية لتدريب السجناء والخدمات الطبية وإعادة الإدماج الاجتماعي، بهدف اتباع نهج كلي إزاء قضايا السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي، ومكافحة الجريمة، وإعادة تأهيل السجناء الشباب.
وفي سياق جهودها الرامية إلى تحسين نظام العدالة، استثمرت حكومة كابو فيردي، في البنية التحتية القضائية والموارد البشرية والتكنولوجيا، ما ساعد على الحد من تراكم القضايا.
ومن أجل تسريع الخدمات، أقرت الحكومة خطة وطنية للحد من تراكم القضايا، ونفذ نظام معلومات العدالة وأسست منصة رقمية باسم "بوابة العدالة"، كما شرعت أيضاً في تنقيحات تشريعية تهدف إلى تحسين كفاءة نظام التفتيش القضائي.
وتعهدت الحكومة في عام 2020، بالقضاء على الفقر المدقع والحد من الفقر المطلق بحلول عام 2026، تماشياً مع مبدأ عدم ترك أي شخص خلف الركب، والذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة.
واتخذت الحكومة تدابير مهمة على مختلف جبهات الطوارئ الاجتماعية، وكان تركيزها على الدخل، ورعاية الأطفال والمراهقين وحمايتهم والتعليم والتدريب وريادة الأعمال والإدماج الاجتماعي والإنتاجي والصحة والسكن والضمان الاجتماعي.
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للقضاء على الفقر المدقع للفترة 2022- 2026 إلى تدعيم نظام الحماية الاجتماعية من خلال توسيع نطاق تغطية البرامج الاجتماعية لصالح الأسر التي تعيش في فقر مدقع، وذلك لتعزيز الشفافية في توزيع مخصصات الدعم الاجتماعي.
وقال وفد كابو فيردي إن بلاده رغم تحديات تفشي جائحة فيروس كورونا والتضخم والجفاف، نفذت تدابير شتى لدعم الأسر، بما في ذلك التخفيف من حدة الزيادات في أسعار الوقود والأغذية وإحداث دخل الإدماج الاجتماعي وزيادة المعاش الاجتماعي غير القائم على الاشتراكات.
ووسعت الحكومة نطاق تغطية المعاش الاجتماعي، واعتمدت رسـوماً اجتماعية للطاقة والمياه، وركزت على تحسين فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية، كما نفذت أيضـاً تدابير لدعم الأسر الضعيفة من خلال الأنشطة المدرة للدخل؛ والإعفاء من رسوم المستخدم؛ وصندوق التعبئة من أجل تسريع الإدماج الاجتماعي، الذي يهدف إلى منح دخل الإدماج الاجتماعي.
وفي ما يتعلق بنظام العدالة، بذلت حكومة كابو فيردي جهودا لزيادة الميزانية المخصصة لخدمات المعونة القضائية، وتدعيم المعلومات القانونية للمواطنين، وتحديث علم الأدلة الجنائية، كما اعتمدت تدابير تشريعية وطورت البنية التحتية وأنشأت منصات رقمية بهدف تعزيز كفاءة النظام القضائي.
وأبلغ الوفد عن تحقيق نجاح في خفض معدل البطالة وانتشار الفقر، بما في ذلك الفقر المدقع، وقال إن مبادرات شتى، مثل خطة الرعاية الوطنية للفترة 2017- 2019، دعمت رفاهية الفئات السكانية الضعيفة.
وفي ما يتعلق بحماية الطفل، ركزت الحكومة على تنفيذ صكوك مثل خطة العمل الوطنية لمنع ومكافحة العنف الجنسي ضد الأطفال والمراهقين، كما أبدت التزاما بمكافحة الاتجار بالأشخاص، وإنشاء المرصد الوطني لرصد حالات الاتجار بالأشخاص وتحديدها سريعا.
وخطت كابو فيردي خطوات واسعة في مجال المساواة بين الجنسين، من خلال تنفيذ الخطة الوطنية للمساواة بين الجنسين، وقانون التكافؤ، وإنشاء اللجنة المشتركة بين الوزارات التعميم مراعاة المنظور الجنساني.
وأحرزت الحكومة تقدماً ملحوظاً في ما يتعلق بالتمثيل السياسي، لا سيما في الانتخابات المحلية والتشريعية، إلى جانب مجموعة شاملة من السياسات والإجراءات لمعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمتعلقة بالعدالة، ما يدل على التزامها بتحسين رفاه مواطنيها وتعزيز التنمية الشاملة.
كما أكد الوفد أن بلاده تلتزم بمكافحة التمييز، سواء من خلال الممارسات أو المعايير الدولية، وتشمل الخطط وضـع قانون لمكافحة التمييز الذي يستهدف الأقليات، مثل المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري الهوية الجنسانية وأحرار الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين والأشخاص ذوي الإعاقة.
إشادات وانتقادات
وأدلى 79 وفداً ممثلا عن بلاده بمداخلات وبيانات خلال جلسة التحاور، إذ أشادت غامبيا بما اتخذته كابو فيردي من تدابير استباقية للتصدي للتمييز ولالتزامها بتعزيز مجتمع أشمل للجميع وأكثر إنصافا.
وأثنت ألمانيا على التدابير المتخذة في مجالي إدارة الشرطة والنظام القضائي، غير أنها لا تزال تشعر بالقلق إزاء مدة الإجراءات القضائية، ولا تزال تشعر بالقلق أيضا إزاء العنف الأسري والمشاكل القائمة في مجالات المساواة بين الجنسين وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأشادت إسرائيل بإقرار قانون وقاية الأشخاص ذوي الإعاقة وإعادة تأهيلهم ومشاركتهم، كما ثمنت الهند اهتمام كابو فيردي بتشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والمواطنة، استناداً إلى أفضل الممارسات الدولية.
ورغم ترحيب أيرلندا بإقرار صكوك جديدة لضمان حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي، فإنها أعربت عن قلقها إزاء ضرورة إحراز مزيد من التقدم في منع جميع أشكال العنف ضد المرأة والقضاء عليها.
ورحبت إيطاليا بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وباعتماد قانون وقاية الأشخاص ذوي الإعاقة وإعادة تأهيلهم ومشاركتهم.
وأثنت ليسوتو على كابو فيردي لمواءمتها إطارها القانوني مع أحكام الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، كما رحبت ليتوانيا بالتقدم في مجال مكافحة العنف الجنساني وفي تعزيز المساواة بين الجنسين.
وأثنت ملاوي على كابو فيردي لتصديقها على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، والاتفاقية المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال.
ولاحظت دولة الجبل الأسـود وجود ثغرات في التدابير التي اتخذتها الحكومة للتصدي للعنف ضد المرأة، فيما رحبت اليونان بتحسن التدابير المتخذة على الصعيد المؤسسي وعلى صعيد إنفاذ القانون لمناهضة التعذيب، لا سيما إنشاء آلية وطنية لمنع التعذيب.
وأعربت باكستان عن تقديرها لتصديق كابو فيردي على عدة صكوك دولية في مجال حقوق الإنسان، والتدابير المتخذة للتصدي لغسل الأموال ومنع الفساد وتحديث التحقيقات الجنائية وحماية الأطفال، كما رحبت باراغواي بإنشاء اللجنة المشتركة بين الوزارات لإعداد التقارير الوطنية في مجال حقوق الإنسان.
وحثت المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية الحكومة على تحسين تنفيذ التشريعات في مجال العنف الجنساني عن طريق زيادة عدد القضايا المعروضة على المحاكم والمحاكمات الناجحة، واعترفت بالخطوات المتخذة أصلاً للتصدي لإساءة معاملة الأطفال.
وأشـادت الولايات المتحدة الأمريكية بكابو فيردي لاحترامها سيادة القانون وتفانيها في تعزيز حقوق مجتمع الميم الموسع، وأعربت عن قلقها إزاء الأوضاع في السجون، فيما أشادت أوروغواي بالجهود التي تبذلها لامتثال التزاماتها في ما يتعلق بحقوق الإنسان، أبرزها التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.